صوت الحق العربي المجلجل... نبيل العربي




في خضم الأحداث المتلاحقة التي عاشتها المنطقة العربية خلال العقود الأخيرة، برز اسم رجل حكيم ومؤثر، صوته كان بمثابة منارة أمل في ليل التيه والصراعات، رجل حمل على عاتقه هموم وطموحات شعوب الأمة العربية. إنه نبيل العربي، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية.

رجل الرؤى والأحلام

ولد نبيل العربي في مصر عام 1935، ونشأ في أجواء وطنية رفعت من روحه ووطنيته. درس القانون والتحق بالسلك الدبلوماسي، حيث تقلد مناصب مهمة وحساسة، منها منصب سفير مصر لدى الأمم المتحدة والمندوب الدائم لمصر لدى جامعة الدول العربية.

عيّن العربي أمينًا عامًا لجامعة الدول العربية في عام 2011، في وقت كانت فيه المنطقة العربية تعيش مرحلة عصيبة، حيث اندلعت ثورات الربيع العربي التي أطاحت بأنظمة حكم مستبدة، وأدخلت المنطقة في حالة من عدم الاستقرار والفوضى.

انتهز العربي الفرصة بذكاء وحكمة، وقاد جهود الجامعة العربية لدعم التحولات الديمقراطية في الدول التي شهدت الثورات، كما بذل جهودًا مكثفة لاحتواء الأزمات التي تفجرت في المنطقة، وإنهاء الصراعات المسلحة.

بحكم منصبه، حظي العربي بمكانة دولية مرموقة، حيث التقى بقادة العالم وألقى الخطب المؤثرة في المحافل الدولية، داعيًا إلى السلام والاستقرار في المنطقة العربية.

عُرف العربي بصراحته وقوة موقفه، لم يكن يتردد في إدانة الظلم والعنف أينما وجد، كما لم يتوان عن الدفاع عن مصالح الأمة العربية "وقضاياها العادلة".

الحكيم الذي شهد التاريخ

خلال فترة توليه منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية، شهد نبيل العربي أحداثًا جسيمة هزت المنطقة العربية، من الحرب في سوريا إلى صعود تنظيم داعش الإرهابي، إلى الأزمات السياسية في اليمن وليبيا.

تعامل العربي مع هذه الأحداث بحكمة وبعد نظر، ولم ينحز إلى أي طرف، بل سعى جاهدًا لإيجاد حلول عربية توافقية تحافظ على وحدة الأمة العربية واستقرارها.

يقول العربي في إحدى تصريحاته "أن أكون شاهدًا على هذه الأحداث وأشارك في رسم ملامح مستقبل المنطقة العربية، فهذا شرف عظيم لي، وأنا فخور بدوري المتواضع في خدمة شعوب أمتي".

قلبه على فلسطين

كان العربي من المدافعين الأشداء عن القضية الفلسطينية، وبذل جهودًا حثيثة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

تعتبر مبادرة السلام العربية التي أطلقها العربي عام 2002 من أهم المبادرات التي طرحت لحل الصراع العربي الإسرائيلي، حيث دعت إلى تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل مقابل انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطينية.

رغم العراقيل التي واجهتها مبادرة السلام العربية، إلا أنها لا تزال تُعتبر أساسًا لأي حل عادل وشامل للصراع في المنطقة.

إرث من الحكمة والوطنية

ترك نبيل العربي منصبه كأمين عام لجامعة الدول العربية في عام 2016، مخلفًا وراءه إرثًا من الحكمة والوطنية.

اليوم، وبعد مرور سنوات على انتهاء ولايته، لا تزال آراؤه وتوجهاته تحظى بالاحترام والتقدير من قبل جميع الأطراف، فهو رجل حاز على إعجاب الأصدقاء والأعداء على حد سواء.

يقول العربي في أحد كتبه "أن تكون عربيًا يعني أنك تحمل على عاتقك تاريخًا عريقًا وحضارة عظيمة، وأنك مسؤول عن مستقبل أمتك وشعوبها"، وهذه هي الرسالة التي أراد العربي إيصالها للعالم.

دعوة إلى الوحدة والتضامن

وفي ختام هذا المقال، أود أن أوجه دعوة إلى كل العرب في كل مكان، لأن نقتدي بسيرة هذا الرجل العظيم، ونعمل معًا من أجل وحدة وتضامن أمتنا.

سنواجه تحديات وصعوبات، لكن علينا أن نثابر وأن نؤمن بأن الأمة العربية قادرة على تجاوز هذه التحديات وبناء مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة.

دعونا نجعل إرث نبيل العربي مصدر إلهام لنا، وأن نسعى دائمًا إلى تحقيق طموحاتنا وأحلامنا.