عائض القرني، الداعية الإسلامي والكاتب السعودي الذي اشتهر بخطبه الرنانة ومناصره للشباب، وجد نفسه اليوم يقف على الجانب الآخر من القضبان، متهماً بقضايا تتعلق بالإرهاب وتمويل ودعم جماعة إرهابية.
رحلة القرني من المنابر الإعلامية إلى مقاعد القضاء هي قصة مثيرة للجدل ومليئة بالتناقضات، ليس فقط على المستوى الشخصي ولكن أيضاً على المستوى المجتمعي. يرى البعض أن هذه القضية مؤامرة سياسية تستهدف إخماد الأصوات المنتقدة للنظام الحاكم، بينما يرى آخرون أن القرني تخطى الحدود وتورط في أنشطة إجرامية خطيرة.
ولد عائض القرني في محافظة الخبر عام 1960، ونشأ في عائلة متدينة محافظة. التحق بكلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، حيث تخرج بتقدير امتياز. بعد تخرجه عمل معلماً ثم مفتشاً تعليمياً في وزارة التربية والتعليم السعودية.
بداية شهرة القرني كانت في عام 1992، عندما بدأ بإلقاء الدروس الدينية في مساجد وجامعات المملكة. وكان يتميز بخطبه الحماسية التي تجذب الشباب وتثير جدلاً واسعاً. وقد نُشرت له العديد من الكتب والمقالات التي حققت رواجاً واسعاً.
اشتهر القرني بآرائه المثيرة للجدل، والتي كثيراً ما أثارت غضب السلطات الدينية والسياسية. فقد انتقد بشدة النظام التعليمي السعودي، ودعا إلى إصلاحات جذرية في المملكة. كما اتهم الحكومة السعودية بالفساد والقمع.
وفي عام 2015، اتهم القرني رسمياً بـ "إثارة الفتنة" و"إشعال نار الفتن" بسبب تغريداته على موقع تويتر. وقد تم وضعه على قائمة الممنوعين من السفر وحُظر حسابه على تويتر.
في عام 2017، تم اعتقال القرني بتهمة دعم وتأييد تنظيم داعش. ووجهت إليه تهم عديدة، من بينها "تمويل الإرهاب" و"توفير الدعم اللوجستي لجماعة إرهابية".
يقول الادعاء العام السعودي إن القرني تبرع بمبالغ كبيرة من المال لتنظيم داعش، كما ساعد في تجنيد مقاتلين للتنظيم. وقد نفى القرني جميع هذه الاتهامات، وقال إنه كان مجرد داعية إسلامي يحاول مساعدة الفقراء والمحتاجين.
بدأت محاكمة القرني في عام 2018، ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا. وقد عقدت العديد من الجلسات، واستمعت المحكمة إلى شهادات شهود الادعاء والدفاع.
وقد أصبح القرني رمزاً لقمع حرية التعبير في المملكة العربية السعودية. وقد أدان العديد من المنظمات الحقوقية الدولية اعتقاله ومحاكمته، واعتبرته سجين رأي.
لقد كانت قضية القرني ذات تأثير كبير على المجتمع السعودي. فقد أثار اعتقاله ومحاكمته جدلاً واسعاً حول حرية التعبير والحدود التي يمكن للناقدين تجاوزها.
كما أثارت القضية تساؤلات حول دور علماء الدين في السياسة، وما إذا كان ينبغي عليهم تجنب الخوض في القضايا السياسية أم أن عليهم التعبير عن آرائهم بصراحة.
ما زالت رحلة عائض القرني من المنابر الإعلامية إلى مقاعد القضاء قصة مفتوحة. ومع استمرار محاكمته، يترقب الكثيرون الحكم النهائي ومستقبل هذا الداعية الإسلامي الذي كان يوماً ما رمزاً للأمل والتغيير.