عباس أبو الحسن، الجناح الآخر لحركة الإخوان في سوريا، القادم من جماعة الإخوان المسلمين في حلب، ومن "أبي الحسن"، إلى "أبي الدولة"، خطوات رسمت مسيرة الرجل، لتكون نقاطاً فاصلة في تاريخه.
في تسعينيات القرن الماضي، كان عباس أبو الحسن شخصية بارزة في جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، يمتلك نفوذاً واسعاً داخل الجماعة، ويُنظر إليه على أنه الأب الروحي لها، إلا أن الأمور بدأت تتغير بعد صعود نجم حركة الإخوان في سوريا في أعقاب الثورة السورية.
مع صعود حركة الإخوان في سوريا، بدأ أبو الحسن يتغير تدريجياً، حيث ازداد طموحه إلى الدولة الدينية، وبدأ يرى في الثورة فرصة لتحقيق حلمه، واستغل نفوذه داخل الجماعة لبسط سيطرته على الفصائل المسلحة.
لم يكن طموح أبو الحسن إلى الدولة الدينية يخلو من عقبات، حيث واجه صراعاً مع قادة آخرين داخل حركة الإخوان، الذين كانوا أكثر اعتدالاً منه، ولم يروا في الثورة فرصة للإطاحة بالنظام وحل محله بدولة دينية.
في خضم هذا الصراع، تحالف أبو الحسن مع جبهة النصرة، التنظيم السلفي المتشدد، مما أدى إلى زيادة انقسام حركة الإخوان، ورأى كثيرون أن هذا التحالف هو خيانة لقيم الإخوان المسلمين.
لم يدم تحالف أبو الحسن مع جبهة النصرة طويلاً، حيث بدأت الجبهة تفرض سيطرتها على الأراضي التي تسيطر عليها حركة الإخوان، مما دفع أبو الحسن إلى الانفصال عنها وتشكيل جبهة ثوار سوريا.
لكن جبهة ثوار سوريا لم تستطع الصمود طويلاً، حيث تعرضت لهجمات من جبهة النصرة والقوات الحكومية، مما أدى إلى القضاء عليها، وبالتالي القضاء على حلم أبو الحسن في إقامة دولة دينية.
في عام 2016، اختفى أبو الحسن، ولا يزال مصيره مجهولاً حتى الآن، وقد أشيع أنه قتل في غارة جوية أو أنه اعتقل من قبل النظام السوري أو أنه اختبأ.
رحلة عباس أبو الحسن، من الأب الروحي إلى الدولة الدينية، مليئة بالتقلبات والمنعطفات المفاجئة، مما يجعلها قصة إنسانية معقدة، تعكس صراعاً داخلياً متأججاً في سوريا.
ويبقى أبو الحسن لغزاً غير محلول، رجل طموح حلم بالدولة الدينية، لكنه اختفى في ظروف غامضة، تاركاً وراءه إرثاً من التناقض والانقسام داخل حركة الإخوان المسلمين في سوريا.