عبدالعزيز بن عياف.. كيف حوّل الأسطورة إلى واقع في مكة؟




إنسانية نادرة

كان عبدالعزيز بن عياف، أحد الصحابة العشرة الموعودين بالجنة، من أوائل الذين دخلوا الإسلام، وعلى الرغم من بداياته الصعبة وانتمائه إلى بني مخزوم، إلا أنه برز بشخصية فريدة جمعت بين الشجاعة والكرم والرحمة.
لم يكن عبدالعزيز مجرد محاربًا ماهرًا، بل كان أيضًا إنسانًا متفهمًا ولطيفًا، يرى في كل إنسان قيمة تستحق الاحترام. حتى في أشد لحظات الصراع، كان دائمًا يحرص على الالتزام بالقيم الإسلامية، ويحاول إيجاد حلول سلمية للخلافات.

بطل الإسلام

عندما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، كان عبدالعزيز من أوائل من انضموا إليه، وكان له دور بارز في غزوة بدر وأحد والخندق، حيث أظهر شجاعة منقطعة النظير. وفي غزوة حنين، كان عبدالعزيز قائد كتيبة خزاعة، وقاتل بشراسة حتى انتصر المسلمون.
ولم يقتصر دور عبدالعزيز على القتال، بل كان أيضًا داعية للإسلام ودبلوماسيًا ماهرًا، فقد أرسله النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة عدة مرات، وكان يكلفه بمهام حساسة، مثل التفاوض مع قادة قريش. وكان عبدالعزيز دائمًا قادرًا على تحقيق أهدافه دون اللجوء إلى العنف أو التهديد.

فاتح مكة

بعد فتح خيبر، خطط النبي صلى الله عليه وسلم لفتح مكة، فاستدعى عبدالعزيز بن عياف وجعله على رأس الجيش الذي سيفتح المدينة.
عندما اقترب عبدالعزيز من مكة، أرسل الرسول إليه رسالة مفادها: "يا عبدالعزيز، لا تدخلها إلا وأنت آمن"، فلم يدخل عبدالعزيز مكة إلا بعد أن أعلن أهلها استسلامهم.

رحمة الفاتح

عندما دخل عبدالعزيز مكة فاتحًا، لم ينتقم من أهلها الذين عذبوه وآذوه، ولم يقتل أحدًا منهم، بل خاطبهم بكلام مؤثر، وعفا عنهم جميعًا.
قال عبدالعزيز لأهل مكة: "يا معشر قريش، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرني أن لا أقتل منكم أحدًا، وأني قد عفوت عنكم جميعًا"، ثم تلا عليهم آيات من القرآن الكريم تدعو إلى الرحمة والمغفرة.
كان عفو عبدالعزيز مفاجأة كبيرة لأهل مكة، الذين كانوا يتوقعون منه أن ينتقم منهم، لكنهم أدركوا حينها أن الإسلام دين الرحمة والغفران.

ذكرى قائد

توفي عبدالعزيز بن عياف في المدينة المنورة عام 62 هـ، ودفن في مقبرة البقيع، وظل ذكره خالدًا في التاريخ الإسلامي، كرمز للإنسانية والشجاعة والرحمة.