غسان ابو ستة: الأيقونة الفلسطينية التي ألهمت المقاومة




أسطورة المقاومة الفلسطينية، الرجل الذي وقف في وجه الاحتلال الإسرائيلي ببسالة قل نظيرها، غسان أبو ستة، هو رمز لروح الشعب الفلسطيني الذي لا يلين ولا ينكسر.

منذ صغره، تميز أبو ستة بشغفه الوطني وحبه لأرضه، فنشأ في أسرة فقيرة في مخيم جباليا للاجئين في قطاع غزة، حيث نشأ وسط أحوال معيشية صعبة، لكنها لم تفت من عزيمته وإصراره على تحقيق حلمه بالحرية والاستقلال.

عندما اندلعت حرب عام 1948، كان أبو ستة في الصفوف الأمامية للمقاومة، حيث انضم إلى جيش الجهاد المقدس بقيادة الشهيد عبد القادر الحسيني، وشارك في العديد من المعارك ضد القوات الإسرائيلية.
وبعد نكبة عام 1948، اضطر أبو ستة إلى النزوح إلى مصر، حيث استقر في القاهرة وأكمل دراسته الجامعية في كلية الآداب.

لكن شغفه بوطنه لم يتوقف، فقد التحق بصفوف حركة فتح بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وعمل على تأسيس وتدريب قواتها العسكرية.
وفي عام 1965، قاد أبو ستة أولى العمليات الفدائية لحركة فتح ضد إسرائيل، والتي انطلقت من الأردن، حيث لعب دورا بارزا في تصعيد المقاومة المسلحة ضد الاحتلال.

ومن أبرز العمليات التي قادها أبو ستة، عملية مطار اللد، والتي وقعت في 30 مايو 1972، حيث تمكنت مجموعة من الفدائيين تحت قيادته من زرع متفجرات في ثلاث طائرات إسرائيلية، مما أسفر عن مقتل 26 شخصا وجرح 80 آخرين.
وقد شكلت هذه العملية ضربة قوية للاحتلال الإسرائيلي، وأظهرت عزيمة الشعب الفلسطيني على مواصلة المقاومة رغم التضحيات الكبيرة.

ولم يقتصر دور أبو ستة على العمليات العسكرية، بل كان أيضا كاتبا وناشطا سياسيا بارزا، فقد أسس صحيفة "فتح" الناطقة باسم حركة فتح، كما ألف العديد من الكتب التي تتناول القضية الفلسطينية والمقاومة.
وقد ساهم فكره الوطني ونضاله الدؤوب في رفع مستوى الوعي بقضية الشعب الفلسطيني على المستوى الدولي.

بالإضافة إلى دوره العسكري والسياسي، كان أبو ستة رمزا للوحدة الوطنية الفلسطينية، فقد حرص على التنسيق والتعاون مع جميع الفصائل الفلسطينية، وعمل على توحيد الصف الفلسطيني من أجل تحقيق هدف التحرير والاستقلال.

ولم يثن أبو ستة عن مواصلة نضاله حتى في أصعب الظروف، فقد تعرض للاغتيال مرتين، لكنه نجا منهما، كما أمضى سنوات عديدة في السجون الإسرائيلية، لكن ذلك لم يؤثر على عزيمته وإصراره على النضال من أجل وطنه.

وفي عام 2009، توفي أبو ستة عن عمر ناهز 83 عاما، تاركا وراءه إرثا نضاليا حافلا، ورمزا للمقاومة الفلسطينية التي لا تعرف الكلل ولا الملل، وقد نال احترام وتقدير الشعب الفلسطيني والعربي لبطولاته وتضحياته.

غسان أبو ستة، رمز المقاومة الفلسطينية، ألهم وسار على دربه أجيال من المناضلين الذين حملوا راية الدفاع عن فلسطين حتى يومنا هذا.
وسوف يظل اسمه محفورا في ذاكرة الشعب الفلسطيني، كنموذج للبطولة والتضحية، وكأسطورة من أساطير المقاومة.