فؤاد شرف الدين.. من يملأ حذاء السقّاط؟




في زقاق ضيّق في إحدى مدننا القديمة، يقع متجر صغير ومتواضع لأحذية السقّاط. يمتلك هذا المتجر المهترئ رجل في الخمسين من عمره يُدعى فؤاد شرف الدين، والذي ورث هذه المهنة عن أبيه الذي ورثها عن جده. لقد قضى فؤاد حياته وهو يصنع ويصلح الأحذية، وهو الآن آخر صانع أحذية في المدينة.

بينما كنت أمرّ من متجره، جذبني صوت صوته وهو يغنّي بنشاط بينما يعمل. دخلت وألقيت التحية عليه، فسألني بابتسامة عريضة: "هل تحتاجين لشيء ما؟". أجبت بأنني أريد إصلاح حذائي المفضل، والذي كان قد تمزق نعلُه مؤخرًا. نظر إليه عن قرب، وقال: "ليس هناك مشكلة، يمكنني إصلاحه لكِ".

بينما كان يصلح حذائي، بدأنا في التحدّث. قال لي فؤاد إنه لاحظ انخفاضًا تدريجيًا في عدد الزبائن على مر السنين. فقد أصبح الناس يفضلون الأحذية الجاهزة الرخيصة على الأحذية المصنوعة يدويًا. وأضاف: "لم يعد الشباب مهتمين بتعلم الحرفة، فهم يريدون وظائف أسهل وأكثر ربحًا".

شعرت بالحزن لسماع ذلك. فمهنة السقّاط هي حرفة تقليدية جميلة، ومن المحزن أن تختفي. قلت لفؤاد: "آسف لسماع ذلك. هذه حرفة رائعة، ويجب ألا تُفقد". أومأ برأسه وقال: "أنتِ محقة. لقد أحببت دائمًا هذه المهنة، لكنني أخشى أن لا أحد سيملأ حذائي عندما أتوقف عن العمل".

غادرت متجر فؤاد حاملةً حذائي المصلّح، وقلبي مفعم بالامتنان لعمله الدؤوب وحبه لحرفته. وقفت أمام متجره ونظرت إليه، متسائلةً عما سيحدث لمهنة السقّاط بعد أن يتوقف عن العمل. هل ستختفي هذه الحرفة الجميلة إلى الأبد؟

لا أعرف الإجابة، لكنني أتمنى أن نتمكن من إيجاد طريقة للحفاظ على هذا التقليد الحي. ففي عالم يسوده الإنتاج الضخم والاستهلاك السريع، فإن أيدي الحرفيين المهرة مثل فؤاد شرف الدين هي تذكير بأن الجمال والمتانة يمكن أن يتعايشا.

لذا، في المرة القادمة التي تحتاج فيها إلى إصلاح حذائك، لا تتوجه إلى متجر لبيع الأحذية، بل ابحث عن صانع أحذية تقليدي. امنحهم أعمالك، ودعهم يعرفوا أنك تقدر مهاراتهم. بهذه الطريقة، يمكننا معًا ضمان أن مهنة السقّاط لن تُفقد إلى الأبد.