فندق




في المدينة الصاخبة، حيث يعج الناس ويزدحم السير، يقف مبنى شامخ، ارتفاعه شاهق، واجهته مزينة بتفاصيل معقدة. إنه فندق، رمز للفخامة والراحة.
لقد مررت عبر أبوابه الكبيرة مرات لا تحصى، لكن هذه المرة كانت مختلفة. كنت على موعد مع ذكرياتي.
بمجرد دخولي، غمرني شعور بالحنين. كانت الأرضية الرخامية الباردة تحت قدمي، والمصابيح المتلألئة فوق رأسي، كلها تُذكرني بالليالي التي قضيتها هنا.
صعدت إلى المصعد وأنا أحمل معي حقيبة صغيرة. كان قلبي يخفق بترقب، وتساءلت عما إذا كان سيظل كما عهدته.
فتح باب المصعد، وخرجت إلى الطابق الذي يقيم فيه صديقي القديم. وقفت أمام باب غرفته، وترددت قليلاً قبل أن أقرع الباب.
أُجيب الباب، وظهرت ابتسامة عريضة على وجه صاحب الغرفة. لقد مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيته فيها، لكن عينيه لم تفقد بريقها أبدًا.
دخلنا الغرفة معًا، وجلسنا على أريكة مريحة أمام النافذة التي تُطل على المدينة. ارتشفت قهوتي، وأنا أستمع إلى قصص أصدقائي وأتبادل معه ذكرياتي.
كانت المحادثة تدور حول مواضيع مختلفة، لكننا سرعان ما عدنا إلى اللحظات التي قضيناها معًا في هذا الفندق. تذكرنا الليالي التي أمضيناها في الشرب والضحك، والأيام التي قضيناها في الحديث عن أحلامنا ومخاوفنا.
في لحظة من اللحظات، ساد الصمت بيننا. نظرت من النافذة وشاهدت أضواء المدينة تومض. شعرت بسعادة غامرة وأنا أتأمل المكان الذي شهد الكثير من لحظات حياتي.
لقد كان هذا الفندق أكثر من مجرد مبنى. لقد كان مكانًا ملجئي في أوقات الحزن، ورفيقي في أوقات الفرح. لقد شهد رحلتي من صبي صغير إلى رجل ناضج.
حان الوقت للمغادرة، ودعت صديقي وخرجت إلى الليل. لكن هذه المرة، لم أغادر بشعور الحزن. لقد غادرت بشعور بالامتنان، ممتنًا للأصدقاء الذين صنعتهم هنا، والذكريات التي صنعتها معهم.
عندما مشيت عبر الأبواب الكبيرة مرة أخيرة، نظرت إلى الوراء. كان الفندق لا يزال يقف شامخًا، وكأنه يسهر على المدينة. شعرت وكأن جزءًا مني سيبقى هناك دائمًا، وسط الجدران التي شهدت الكثير من حياتي.