يا له من وقت ثمين ذلك الذي يسبق الفجر بقليل، حيث يكون الليل في أعمق درجات السكون والهدوء، وتتلاشى أصوات الدنيا وضجيجها، ليترك المجال للهدوء والسكينة والخشوع، في الثلث الأخير من الليل تجد النفس مهيأة تمامًا لقربى الله وعبادته.
في الحديث الشريف يقول الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم): "أن الله تبارك وتعالى ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟"، فما أحرانا أن نجتهد في إحياء هذا الوقت المبارك، وأن نحرص على ألا نفوته علينا دون ذكر أو صلاة أو استغفار.
ولقد حثنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) على اغتنام هذا الوقت المبارك، فقد روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: "تَهَجَّدُوا، فإنَّهُ كانَ دَأبَ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَهُوَ قُرْبَةٌ إلى اللهِ، ومُكَفِّرَةٌ للسَّيِّئَاتِ، وَمَنْهَاةٌ عنِ الإِثْمِ، وَدَاعٍ إلى الجَنَّةِ".
فاجعل يا أخي المسلم هذا الوقت من ليلك خالصًا لله، واجعله وقفة مع نفسك، تتأمل فيها أحوالك، وتتلو فيه كتاب الله، وتدعو ربك بأن يتقبل منك صالح أعمالك، وأن يغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فما أرحم الله بعبده حين يناجيه في جوف الليل، وما أشد رحمته بمن أقبل عليه تائبًا من ذنوبه.
فلا تحرم نفسك من كنوز الثلث الأخير من الليل، وابذل جهدك كي لا تفوته عليك ليلة، واحرص أن يكون لك ورد من القرآن تقرأه في هذا الوقت المبارك، وإن استطعت أن تحيي الليل بصلاة القيام فافعل، وإن لم تستطع فاجعل لك وردًا من الأذكار، وأكثر من الدعاء والاستغفار، وادع ربك بما تشاء من أمور الدنيا والآخرة، فهو سبحانه قريب مجيب.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here