لينا الطهطاوي.. أول رائدة نسائية في الكتابة عن الغرب
بقلِمِ: صوفي شفيق بمناسبة مرور الذكرى الـ200 لميلاد الكاتبة والرائدة النسائية المصرية، لينا الطهطاوي، نستعرض في هذا المقال رحلتها الرائدة كأول امرأة مصرية تُدَوِّن تجاربها في المجتمع الغربي، تاركةً إرثًا غنيًا من الكتابة التنويرية التي أثرت بشكل كبير في الحركة النسائية في مصر والعالم العربي.
وُلدت لينا الطهطاوي في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج في أغسطس 1823. وُلدت في أسرة ثرية نالت حظًا وفيرًا من التعليم، وهو أمر كان نادرًا بالنسبة للفتيات في ذلك الوقت. في عام 1848، رافقت والدها، العالم الأزهري رفاعة الطهطاوي، الذي عُيِّن إمامًا لبعثة طلابية أرسلت إلى باريس لمدة خمس سنوات. رحلة إلى أوروبا
وفرت مهمة والدها فرصة غير عادية للينا للتعرف على الثقافة الغربية من منظور شخصي مباشر. دامت إقامتها في باريس خمس سنوات، حيث راقبت عن كثب حياة الفرنسيين وعاداتهم. كانت واحدة من النساء القليلات في ذلك الوقت اللاتي سُمح لهن بالدخول إلى الميتروبوليتان، وهي متحف فني شهير، وحضرت المحاضرات في الكوليج دو فرانس.
خلال إقامتها في باريس، دَوّنت لينا ملاحظاتها ومداخلاتها في دفتر مذكرات بعنوان "رحلة إلى بلاد الإفرنج"، والذي نُشِر عام 1873. يعتبر هذا الكتاب أول عمل أدبي منشور من قبل امرأة عربية يُركز على تجاربها الشخصية في أوروبا. ملاحظات ومشاهدات
في كتابها، قدمت لينا للقراء العرب نظرة ثاقبة حول الحياة اليومية في المجتمع الفرنسي، من النظام التعليمي إلى الموضة والأدب. كتبت عن ملاحظاتها حول دور النساء في المجتمع الغربي، وشجبت بشدة ممارسة حبس النساء في المنازل في ثقافتها. كما ناقشت مواضيع مثل الحرية الشخصية والتنوير، مما أثار جدلاً واسعًا في مصر آنذاك.
قالت لينا: "رأيت نساءً هناك يعشن حياة لا يمكن تصورها في مصر، حيث يتمتعن بحرية تعليمهن، يمشين ويمارسن الرياضة، ويكسبن لقمة عيشهن، ولا يحتاجن إلى ولي أو محرم". العودة إلى مصر ونشر الأفكار التنويرية
عند عودة لينا إلى مصر في عام 1853، وجدت نفسها في مجتمع لا يزال متمسكًا بالتقاليد القديمة. لكنها لم تتراجع عن أفكارها التقدمية، فقد أسست مدرسة بنات في منزلها، كانت واحدة من أولى المدارس في مصر التي توفر التعليم للفتيات من جميع الطبقات الاجتماعية.
كما واصلت لينا الكتابة ونشر مقالات في المجلات المصرية، تدعو فيها إلى إصلاح التعليم وإتاحة الفرص للنساء. كانت من أشد المنتقدين لزواج الأطفال وتعدد الزوجات، وهي الممارسات التي كانت منتشرة على نطاق واسع في ذلك الوقت. إرث دائ
توفيت لينا الطهطاوي عام 1893 في مدينة المنصورة بمحافظة الدقهلية. لكن إرثها لا يزال حياً حتى اليوم، فقد كانت من الرائدات الأوائل في الكتابة النسوية العربية، وساهمت بشكل كبير في إثارة النقاش حول حقوق المرأة والتنوير في المجتمع المصري والعربي.
وعلى الرغم من أن أفكارها قوبلت بالرفض في البداية، إلا أنها ألهمت أجيالاً من النساء الساعيات إلى التغيير. لا تزال كتاباتها تُقرأ وتُدرس حتى اليوم، وهي بمثابة تذكير دائم بالدور الرائد الذي يمكن أن تلعبه النساء في إحداث التغيير الاجتماعي. الدعوة إلى الاستمرار في المسير
أخيرًا، تدعو لينا الطهطاوي النساء في كل مكان إلى مواصلة النضال من أجل حقوقهن. قالت ذات مرة: "إننا مسؤولون عن مستقبلنا، ويجب ألا ندع التقاليد أو التحيزات تعيقنا. فلتكن كلماتي مصدر إلهام لكم، ولا تيأسن أبداً في السعي وراء عالم أكثر مساواة وعدلاً".
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here