*
كانت مدرستي عالمًا خاصًا، ملاذًا آمنًا بعيدًا عن ضغوط العالم الخارجي. جدرانها القديمة كانت شاهدة على أحلام لا حصر لها وذكريات لا تُنسى. لقد كانت أكثر من مجرد مكان للتعلم؛ كانت موطنًا لطفولتي وعقل قلبي.
في ساحاتها الواسعة، لعبنا واتركضنا وضحكنا بصوت عالٍ حتى أن أصواتنا كانت تتردد في الهواء. تحت ظلال الأشجار العتيقة، شاركنا الأسرار وخططنا لمستقبلنا المشرق. كانت المدرسة بالنسبة لنا أكثر من مجرد مؤسسة؛ كانت عائلتنا الثانية.
في الفصول الدراسية، فتح مدرسونا أمامنا أبوابًا لعالم من المعرفة غير محدود. لقد ألهمونا للتساؤل، لاستكشاف، وللتفكير بشكل نقدي. أشعلوا شغفنا بالتعلم، وحولو الدروس إلى مغامرات مثيرة.
أتذكر معلمي اللغة العربية المحبب، الذي كان عينيه تتألقان بحب الأدب. كان يملأ الفصول بشعر نزار قباني وغسان كنفاني، وغرس فينا تقديرًا عميقًا للغة الأم. تحت إرشاده، تحولنا من مجرد طلاب إلى عشاق للكلمة.
أو معلم الرياضيات الذي كان لديه موهبة في جعل الأرقام تنبض بالحياة. لقد جعل المعادلات الصعبة تبدو بسيطة، وحل المشكلات أشبه بألعاب ذهنية ممتعة. بفضله، اكتشفنا الجمال الخفي وراء الأرقام والجبر.
خارج الفصول الدراسية، كانت النوادي والأنشطة اللامنهجية بمثابة مرجل انصهار للإبداع والتعاون. لقد وجدنا مواهبنا، واكتشفنا شغفنا، وكوننا صداقات ستدوم مدى الحياة.
كان نادي الدراما مسرحنا حيث أطلقنا العنان لمخيلاتنا، وأعطينا الحياة لشخصيات كلاسيكية ومبتكرة على حد سواء. وكان نادي العلوم مختبرنا، حيث أجرينا تجارب جريئة واكتشفنا عجائب العالم الطبيعي.
أكثر ما افتقدته في مدرستي هو الشعور بالانتماء. لقد أحببنا جميعًا مدرستنا بشغف، وفخرنا بارتداء زيها الرسمي باللون الأخضر الداكن. كان لدينا أناشيدنا الخاصة، وتقاليدنا الخاصة، وهوية مشتركة جعلتنا فريدين.
واليوم، عندما أنظر إلى الوراء في سنواتي الدراسية، أشعر بالامتنان العميق لكل ما منحته لي مدرستي. لقد كانت أكثر من مجرد مكان للتعلم، كانت المكان الذي شكلني إلى الشخص الذي أنا عليه اليوم.
أدعو كل طالب وكل خريج أن يعتز بذكرياته المدرسية، لأنها كنوز سترافقه طوال حياته. فمدرسة المرء هي موطن روحه، حيث تنبض أحلامه لأول مرة.
*