في عالم كرة القدم، حيث يسيطر العملاقان الأوروبيان إسبانيا وألمانيا على المشهد، ثمة منتخب صغير يلمع نجمه ويحفر اسمه في سجلات التألق.. إنه منتخب جورجيا، الذي استطاع بجهده وكفاحه، أن يقفز إلى مصاف المنتخبات القوية ويفرض نفسه على الساحة الكروية الدولية.
جورجيا.. تلك الدولة الصغيرة الواقعة في قلب القوقاز، كانت حتى وقت قريب، تُعرف بإنجازاتها في المصارعة والشطرنج، لكنها الآن أصبحت قوة يُحسب لها ألف حساب في عالم الساحرة المستديرة.
البداية المتواضعة:انطلق المنتخب الجورجي في رحلته نحو التألق عام 1991، بعد أن نال الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي، وكانت البداية متواضعة، حيث لم تتمكن جورجيا من تحقيق نتائج تذكر في البطولات الكبرى.
لكن طموحات وطموحات لاعبيها لم تنكسر، وبدأوا رحلة صعود بطيئة ولكنها ثابتة، وبفضل الجهود الكبيرة التي بذلها الاتحاد الجورجي لكرة القدم، تم وضع خطة عمل طموحة لتنمية كرة القدم في البلاد.
الجيل الذهبي:في أواخر التسعينيات، ظهر جيل ذهبي من اللاعبين الجورجيين، وعلى رأسهم المهاجم خفيتشا كفاراتسخيليا، الذي أصبح فيما بعد أحد أفضل المهاجمين في العالم.
قاد كفاراتسخيليا منتخب جورجيا إلى أول نجاح كبير له، عندما أحرز لقب كأس الأمم الأوروبية تحت 21 عامًا عام 2002، ثم تألق في تصفيات كأس العالم 2006 وأحرز أهدافًا حاسمة أهلت جورجيا إلى الملحق الأوروبي.
الإنجازات المتتالية:واصل منتخب جورجيا تألقه في السنوات التالية، وحقق نتائج غير مسبوقة، ولعل أبرز إنجازاته وصوله إلى الدور ربع النهائي لبطولة أمم أوروبا 2016، بعد أن أقصى منتخبات قوية مثل أوكرانيا وإسبانيا.
كما تأهل منتخب جورجيا إلى دوري الأمم الأوروبية (المستوى A) في عام 2018، وهو مستوى مخصص لأفضل 16 منتخبًا في أوروبا.
السر وراء النجاح:لم يكن وصول منتخب جورجيا إلى هذا المستوى العالي من فراغ، بل كان نتيجة لجهود كبيرة بذلت على جميع المستويات، بدءًا من تطوير البنية التحتية الرياضية إلى اكتشاف المواهب وتدريبها.
كما لعبت روح الجماعة والانتماء الوطني دورًا مهمًا في نجاح المنتخب الجورجي، فقد توحد لاعبوه خلف هدف واحد، وهو رفع اسم بلادهم في المحافل الدولية، وقد نجحوا في تحقيق هذا الهدف بكل جدارة واستحقاق.
يُعد منتخب جورجيا مثالًا ملهمًا على أن الأحلام لا تعرف حدودًا، وأن أي منتخب، مهما كان صغيرًا، يمكن أن يحقق النجاح إذا امتلك الإرادة والتصميم اللازمين.
واليوم تحتفل جورجيا بأبطالها الذين رسموا البهجة على وجوه شعبهم، ووضعوا بلادهم على خريطة كرة القدم العالمية، ويأمل الجميع أن يستمر تألق منتخب جورجيا لسنوات عديدة قادمة.