مهند قطيش .. ثائرة فنية على جدران الزمن




بقلم: رأي اليوم

هو صاحب الوجه الذي أرهبت معالمه جدران سجن صيدنايا المظلم، حيث قضى مهند قطيش ثلاث سنوات من عمره بين جدرانه التي لم يعرف الرحمة، سنوات مزقت من جسده قطعة، تاركة خلفها جرحا نازفا لن يندمل، ولكنه ليس بجرح خائف، بل هو جرح ثائر، جرح يتحدى جبروت الظلم، ويرفض الاستسلام لبطشه.

بين جنبات ذلك السجن المرعب، حيث يعلو صوت الصرخات، ويخيم الظلام الدامس، كانت روح مهند قطيش بمثابة شعلة أمل، شعلة ترفض الانطفاء، بل تتأجج كلما زاد الظلام، وكلما تضاعفت صرخات العذاب، كان صوته يعلو بالتحدي، كأنه يعلن للعالم أن الظلم مهما طال لابد وأن ينكسر يوماً ما.

ولأن السجون لا تكسر الرجال، بل تصقل عزيمتهم، خرج مهند قطيش من زنزانته الصغيرة إلى فضاء الحياة الواسع، يحمل معه جرحاً عميقاً، لكنه يحمل معه أيضاً شعلة ثورة، شعلة ظلت متقدة داخله طوال سنوات اعتقاله، شعلة أبدية لن تنطفئ ما دام هناك ظلم يرزح تحت وطأته أبناء وطنه.

وبعد سنوات طويلة من الصمت، قرر مهند قطيش أن يروي للعالم قصته، قصة الاعتقال والتعذيب والإذلال، قصة الرفاق الذين فقدوا في غياهب السجن، وقصة الأمل الذي ظل محافظاً عليه حتى في أقسى الظروف، قصة كفاح وإرادة وتحدي، أراد من خلالها أن يوصل رسالة للعالم، رسالة تقول: "إن الظلم مهما طال لابد وأن ينتهي، وإن الحرية لابد وأن تشرق في يوم من الأيام".

مهند قطيش لم يعد مجرد ممثل أو مخرج، إنه رمز للثورة، رمز للصمود والتحدي، إنه شمعة تضيء عتمة الظلم، وصوته هو صوت كل مظلوم، وصراخه هو صرخة كل محروم، وقصته هي قصة كل من يناضل من أجل الحرية، لهذا كان حرياً بنا أن نرفع له القبعة احتراماً وإجلالاً، ولنردد جميعاً: "عاشت الثورة وعاش المناضلون".