نعيش اليوم في زمن فقد فيه الكثير من الناس معنى الحياة الحقيقية، وقيمة الوقت الحقيقي، فصمموا على الاستغراق في شهواتهم وزخارفهم الدنيوية.
أما أولئك الذين يبحثون عن النور والهداية، فإنهم يجدونها في سيرة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، فهو الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور.
ولد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الثاني عشر من شهر ربيع الأول في عام الفيل، وقد كان ميلاده شرارة أضاءت ظلمات الجاهلية، وأخرجت الناس من الضلال إلى الهدى.
فقد كان ميلاده، صلى الله عليه وسلم، بمثابة فجر جديد في تاريخ البشرية، حيث حلت فيه الرحمة الإلهية على البشرية بعد أن كانت غارقة في بحر الظلمات.
وعندما بشر الله تعالى سيدنا إبراهيم، عليه السلام، بميلاد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، قال: "وَإِذْ قالَ إِبْراهيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ" (البقرة: 260).
وقد رأى سيدنا إبراهيم، عليه السلام، عند ذلك الطيور التي أحياها الله تعالى بأمر رسوله، صلى الله عليه وسلم، وقد جمعت شملها في لحظات، فأيقن عندها أن الله قادر على بعث الخلق في يوم القيامة.
لقد أرسل الله تعالى نبيه محمد، صلى الله عليه وسلم، خاتم الأنبياء والمرسلين، ليكون رحمة للعالمين، وهو الذي اختاره الله ليكون صاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة.
فقد أرسله الله تعالى ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وليرشدهم إلى الطريق المستقيم، وهو الطريق الذي يوصل إلى الجنة.
ولقد أوصانا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بحب آل بيته والتمسك بهم، لأنهم أقرب الناس إليه وأحبهم إلى قلبه.
كما أوصانا بالمحافظة على الصلاة، لأنها عمود الدين، وبصلة الرحم، لأنها سبب لتكثير النسل وتوطيد العلاقات بين المسلمين.
وإننا في هذا اليوم العظيم، الذي يهل علينا ذكرى مولد خير الخلق، صلى الله عليه وسلم، فلنتذكر سيرته العطرة، ونقتدي به في أخلاقنا وأفعالنا.
فإننا بحاجة ماسة إلى أن نغرس في نفوسنا أخلاق الإسلام، وأن نلتزم بالشريعة الإسلامية في كل مناحي حياتنا.
وأن نربي أبناءنا على حب الدين وحب الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن نربيهم على الأخلاق الحميدة.
فإننا في أمس الحاجة إلى هذا النبراس الذي يهتدي به المسلمون في هذه الأيام العصيبة.
وفي الختام، فإننا نهنئ المسلمين في كل مكان بمناسبة مولد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتبعين له في أقواله وأفعاله وأخلاقه.