لطالما كان نهر إيبار، شريان الحياة في ميتروفيتش، رمزًا لمدينة منقسمة. إذ يفصل النهر بين المجتمعين الصربي والألباني في المدينة، ويلقي بظلاله على حياة سكانها اليومية.
في قلب هذه المدينة التي مزقتها الحرب، توجد قصص خفية عن الأمل والمرونة. قصة إيفانا ميتروفيتش، الشابة الصربية التي عاشت طوال حياتها في الجانب الشمالي من النهر الصربي، هي واحدة من هذه القصص.
تتذكر إيفانا كيف كانت طفولتها مثل أي طفولة أخرى. كانت تلعب مع أصدقائها في الفناء، وتسبح في نهر إيبار. لكن الوضع تغير بين عشية وضحاها عندما اندلعت حرب كوسوفو. "فجأة، أصبح كل شيء مختلفًا"، كما تقول. "كان هناك قتال في الشوارع، وكان الناس يقتلون بعضهم البعض".
أُجبرت عائلة إيفانا على الفرار من منازلهم، وانتقلت إلى بلغراد. هناك، أمضت سنوات مراهقتها بعيدًا عن مدينتها الحبيبة. لكنها لم تستطع نسيان ميتروفيتش أبدًا. "كنت أتوق دائمًا للعودة"، كما تقول.
بعد الحرب، عادت إيفانا إلى ميتروفيتش. لكن المدينة التي عادت إليها كانت مختلفة تمامًا عن المدينة التي تركتها. كان النهر الآن حاجزًا بين المجتمعين الصربي والألباني، وكان العداء لا يزال شديدًا.
لم يكن الأمر سهلاً بالنسبة لإيفانا أن تتكيف مع الحياة في ميتروفيتش المنقسمة. "في البداية، كنت خائفة جدًا من الذهاب إلى الجانب الآخر من النهر"، كما تقول. "لكن تدريجيًا، بدأت ألتقي بالناس من المجتمع الآخر، وبدأت في التعرف عليهم كأفراد، وليس كأعضاء في مجموعة مختلفة".
في عام 2018، قررت إيفانا أن تفعل شيئًا بشأن الانقسام في مدينتها. أسست منظمة غير حكومية تدعى "ميتروفيتشي بيريد"، والتي تهدف إلى بناء الجسور بين المجتمعين الصربي والألباني.
تنظم منظمة إيفانا فعاليات مختلفة، مثل ورش العمل والرحلات الميدانية، لجمع الناس من كلا جانبي النهر. كما أنها تعمل مع المدارس المحلية لتعليم الأطفال عن تاريخ ميتروفيتش وتشجيعهم على التعايش مع الاختلافات.
لم يكن عمل إيفانا خاليًا من التحديات. لطالما واجهت المعارضة من المتطرفين من كلا الجانبين. "يُخبرني بعض الناس أنني أحلم، وأن ميتروفيتش لن تتغير أبدًا"، كما تقول. "لكنني لست مستعدة للاستسلام. أريد أن أعيش في مدينة موحدة، مدينة يمكن لأطفالي العيش فيها بسلام".
ميتروفيتش مدينة معقدة ذات ماض مؤلم. لكن قصص الأمل والمرونة مثل قصة إيفانا تمنح الأمل في مستقبل أفضل. من خلال بناء الجسور بين المجتمعين، تسعى إيفانا إلى إثبات أن الانقسام ليس قدرًا محتومًا، ويمكن أن تجد ميتروفيتش طريقها إلى المصالحة والوحدة.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here