انطلقنا بسيارة أجرة متجهة إلى ميدان التحرير. الشوارع كانت مزدحمة بالسيارات، لكن الجو كان هادئًا على نحو غريب. فجأة، انفتحت سماء الليل وانهالت علينا الأمطار الغزيرة، كما لو كانت تمهيدًا للأحداث الدراماتيكية التي كانت على وشك الحدوث.
عندما وصلنا إلى الميدان، صُدمت بالحجم الهائل للحشود. امتدت صفوف المتظاهرين حتى حيث لا تصل إليه العين، وكان هتافهم يهز أركان المكان. لقد شعرت بالصغر والتواضع وسط هذا الحشد الهائل، لكني كنت أيضًا مليئًا بالإعجاب والشعور بالوحدة.
تفرقنا أنا وصديقي وسط الحشود، كل منا يبحث عن أفضل زاوية لالتقاط الصور. وسرعان ما أصبحت شاهدة على مشهد لن أنساه أبدًا. كان المتظاهرون من جميع مناحي الحياة: شيوخ ونساء وأطفال، متحدين في مطالبهم من أجل الحرية والديمقراطية. رأيت دموع الفرح على وجوههم، وشممت رائحة الأمل في الهواء.
ومع ذلك، لم يكن كل شيء ورديًا. فقد شهدت أيضًا لحظات العنف. استخدمت قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريق الحشود، لكن المتظاهرين لم يتخلوا عن مطالبهم. وقفوا صامدين، عازمين على تحقيق أهدافهم.
عندما بدأت الشمس في الشروق، بدأنا أنا وصديقي في العودة إلى المنزل. كنا متعبين، لكن قلوبنا كانت مليئة بالإلهام. لقد شهدنا تاريخًا يُصنع، وشعرنا جميعًا أننا جزء من شيء أكبر من أنفسنا.
اليوم، أعود إلى تلك الليلة وأشكر الله على الفرصة التي أتيحت لي لأشهد مثل هذا الحدث المذهل. لقد كان بمثابة درس في الشجاعة والتضامن والأمل. وهذا درس لن أنساه أبدًا.
علمتني تلك الليلة أن التغيير ممكن، حتى في وجه التحديات الهائلة. وقد ألهمتني روح المتظاهرين لمتابعة أحلامي الخاصة، مهما بدا الأمر مستحيلًا.
أتمنى أن تلهم هذه القصة الآخرين أيضًا على الوقوف من أجل ما يؤمنون به، وعدم التخلي عن أحلامهم.