عندما نتحدث عن الفنانات الرائدات في تاريخ السينما المصرية، فلا بد أن يظهر اسم ميريت رحمي، الفتاة التي جسّدت كل من الصعيدية والريفية والقاهرية بامتياز، وتركت بصمتها على العديد من الأعمال الفنية التي لا تزال خالدة في أذهاننا.
الفتاة الصعيدية الأصيلةوُلدت ميريت رحمي في مدينة أسيوط بصعيد مصر، تلك المنطقة التي تركت أثراً كبيراً على شخصيتها وفنها، فمنذ صغرها كانت تُجيد اللهجة الصعيدية بطلاقة، وتتأثر بتقاليد وعادات أهل منطقتها، وهو ما انعكس بوضوح على الأدوار التي قدمتها.
كان دور ميريت رحمي في فيلم "دعاء الكروان" عام 1959، بمثابة نقلة نوعية في مسيرتها الفنية، حيث جسدت شخصية الفتاة الصعيدية التي تعاني من الظلم والقهر، بأداءٍ مُقنع للغاية، جعل الجمهور يتعاطف معها ويحزن على مصيرها المأساوي.
سيدة الريف القويةلم تقتصر أدوار ميريت رحمي على الفتاة الصعيدية فحسب، بل امتدت لتشمل الأدوار الريفية القوية، حيث كانت تُجيد تجسيد شخصية المرأة الفلاحة التي تكافح من أجل توفير حياة أفضل لأبنائها، وتحافظ على كرامتها مهما واجهت من صعوبات.
ويُعد دورها في فيلم "الأرض" عام 1969، من أبرز أدوارها الريفية، حيث جسدت شخصية نفيسة، الزوجة المخلصة التي تدافع عن زوجها المظلوم، وتقف إلى جانبه في أحلك الظروف.
فتاة المدينة العصريةوعلى الرغم من شهرة ميريت رحمي بأدوارها الصعيدية والريفية، إلا أنها أثبتت أيضًا قدرتها على تجسيد أدوار الفتاة القاهرية العصرية، وخاصة في أفلام الخمسينيات والستينيات.
ومن أبرز أدوارها القاهرية دورها في فيلم "بين السماء والأرض" عام 1959، حيث لعبت دور الفتاة المتحررة التي تعيش حياة مستقلة، وتسعى وراء أحلامها دون قيود اجتماعية.
نجمة متألقةخلال مسيرتها الفنية التي امتدت لأكثر من خمسة عقود، قدمت ميريت رحمي أكثر من 150 عملًا فنيًا، ما بين السينما والمسرح والتليفزيون، وحازت على العديد من الجوائز والتكريمات.
فقد حصلت على جائزة أحسن ممثلة عن دورها في فيلم "الأرض" من مهرجان موسكو السينمائي الدولي، كما كُرمت في العديد من المهرجانات والجهات الثقافية.
رحلت ميريت رحمي عن عالمنا في عام 1995، تاركة وراءها إرثًا فنيًا ثريًا، وذكرى طيبة في قلوب محبيها، الذين لا يزالون يتذكرون أدوارها بصوتها المميز وضحكتها المُعدية.
حكايات شخصيةتُمثل ميريت رحمي نموذجًا للفنانة الصادقة التي كرست حياتها للفن، وأثرت السينما والدراما المصرية بأدوارها الخالدة، ودورنا اليوم هو الحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق، بإعادة اكتشاف أعمال ميريت رحمي وتقدير موهبتها الفريدة.