ناجي العلي.. صرخة حق في وجه الظلم




مبدع ثائر ومناضل صامت أرعب أعتى الطغاة رسام كاريكاتير حفر اسمه بحروف من ذهب على جدار الإنسانية من خلال أعماله الخالدة التي قلبت الدنيا رأسًا على عقب وهزت عروش الديكتاتورية وزلزلت أركان الظلم والاستبداد.


ناجي العلي، ذاك الفلسطيني اللاجئ الذي هُجر من أرضه عام النكبة 1948، فحمل معاناة شعبه على كتفيه وجعلها قضية إنسانية نادى بها في كل مكان، وكان سلاحه في ذلك هو قلمه الذي كان أقوى من كل الجيوش وأكثر دقة من كل الصواريخ.

وُلد ناجي العلي في قرية عين الزيتون بالقرب من مدينة Tiberias الفلسطينية، وكان لطفولته المعذبة في مخيمات اللجوء أثر كبير في تكوين وعيه السياسي ووعيه الاجتماعي، فقد لمس عن قرب معاناة اللاجئين الفلسطينيين وآلامهم، فرسم لهم لوحات جسدت مأساتهم بأسلوب ساخر أضحكهم وأبكاهم في الوقت نفسه.

لم يكن ناجي العلي مجرد فنان يبحث عن الشهرة أو المال، بل كان مناضلًا حقيقيًا آمن بأن الفن سلاح فعال في مواجهة الظلم والاستبداد، وكان يرى أن رسوماته الكاريكاتورية يمكن أن تكون أكثر فاعلية من ألف خطاب أو مقال صحفي.

اتخذ ناجي العلي من شخصية "حنظلة" -وهي طفل فلسطيني حافي القدمين- رمزًا لقضيته، وكان يرسمه دائمًا يدير ظهره للقارئ وفي وجهه تعبير عن الغضب والحزن والتمرد، وكان يقول عنه: "حنظلة يكبر ولا يكبر، ويكبر معي ولا يكبر، وسيظل طفلًا حتى يعود إلى وطنه."

لم يسلم ناجي العلي من بطش الظالمين، فقد تعرض حياته للخطر عدة مرات، وتعرض للاعتقال والسجن والملاحقة، لكنه لم ييأس ولم يتراجع، بل زاد إصرارًا على مواصلة مسيرته النضالية حتى اغتاله يد الغدر في لندن عام 1987.

رحل ناجي العلي جسديًا، لكن رسوماته الخالدة باقية إلى الأبد، وهي شهادة على معاناة الشعب الفلسطيني ومقاومته للاحتلال، وهي صرخة حق في وجه الظلم، ونداء للحرية والعدالة.


ناجي العلي، لم يكن مجرد رسام كاريكاتير، بل كان صوتًا للحق والعدالة، ومناضلًا شجاعًا لم يتردد في مواجهة الطغاة، ورسالته ما زالت خالدة إلى الأبد، وهي دعوة للحرية والكرامة الإنسانية.