في زقاق ضيق بمدينة بيروت الصاخبة، حيث تختلط الروائح والمناظر، هناك قصة فنان فلسطيني رسمت حياته لوحة لا تنسى، لوحة مليئة بالدموع والأمل.
ناجي العلي، ذلك الطفل الذي ولد في أحد مخيمات اللجوء في فلسطين عام 1937، لم يكن يعلم أن القدر قد اختاره ليكون صوتاً لشعبه المقهور، وريشته هي سلاحه الذي يحارب به الظلم والاحتلال.
عاش ناجي طفولة قاسية في مخيم عين الحلوة. وعندما بلغ السابعة عشر من عمره، هرب إلى الكويت بحثًا عن حياة أفضل. لكنه لم يجد هناك سوى المعاناة والفقر. بعد ذلك، انتقل إلى لبنان حيث استقر في مخيم شاتيلا.
في لبنان، بدأ ناجي رحلته الفنية برسم كاريكاتير ساخرة في صحيفة "الصفا". ولُقي عمله استحسانًا واسعًا، وحاز على شهرة كبيرة في العالم العربي. أصبح "حنظلة"، تلك الشخصية الطفل الذي يغطي وجهه بيده، رمزًا لمعاناة الشعب الفلسطيني.
لم يكن فن ناجي مجرد رسم، بل كان رسالة قوية ضد الظلم والاحتلال. لقد رسم بألوان الدموع والأمل، وفضح كل أشكال القمع والاستبداد.
لم يكن طريق ناجي خالياً من المخاطر. فقد تلقى العديد من التهديدات والتحذيرات من قبل السلطات الإسرائيلية. في 22 يوليو 1987، اغتيل ناجي العلي في لندن. لا يزال قاتله مجهولاً حتى يومنا هذا.
رحل ناجي العلي، لكن فنه لا يزال حيًا. رسوماته الكاريكاتيرية لا تزال تلهم الناس في جميع أنحاء العالم وتذكرهم بمعاناة الشعب الفلسطيني. إن حنظلة، رمز مقاومة ناجي، لا يزال يقف على قدميه، صامداً في وجه الاحتلال ورافضاً الاستسلام.
"الرسم بالنسبة لي هو سلاح، أفضل وأقوى من الرصاص" - ناجي العلي
في ذكرى استشهاد الفنان ناجي العلي، دعونا نتذكر تضحياته ونتعهد بمواصلة النضال من أجل فلسطين حرة وعادلة.