عندما نسمع كلمة "نسك" ، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو الصيام والصلاة والاعتكاف، وهي أشياء جيدة ومفيدة بلا شك، ولكن هل هذا كل ما يحمله مصطلح النسك؟
دعونا نعود إلى الأصل اللغوي لكلمة "نسك"، فهي مشتقة من الفعل "نسك"، والذي يعني "قصد الشيء وأخلص له"، فالنُسُك إذًا ليس مجرد أعمال عبادة محددة، بل هو كل عمل نقوم به بنية التقرب إلى الله -تعالى-، حتى وإن كان شيئًا بسيطًا كالابتسامة في وجه أخيك، أو إلقاء السلام على جارك، أو إطعام الطيور.
والحقيقة أن الإسلام دين يسر لا عسر فيه، فحتى في هذه العبادات "الشاقة" ظاهريًا، والتي أشرنا إليها في بداية المقال، وضع الله -تعالى- لنا رُخَصًا ويسرًا، فالصيام ليس واجبًا على المريض والمسافر والحامل والمرضع، والصلاة يمكن أن نقصرها أو نجمعها في بعض الأوقات، والاعتكاف ليس واجبًا على كل مسلم، وهكذا.
ومع ذلك، لا يعني هذا أن نستسلم للكسل والقعود، فإذا كنا قادرين على القيام بالعبادات كاملة، فذلك أفضل وأعظم أجرًا، ولكن الأمر كله يتعلق بالنية والإخلاص، فحتى العمل البسيط، إذا قام به المرء بنية خالصة لوجه الله -تعالى-، فإنه يُكتب له أجر عظيم.
لذا، دعونا نوسع مفهوم النسك في أذهاننا، ونجعله يشمل كل ما نقول ونفعل، ونجعل كل لحظة من حياتنا عبادة لله -تعالى-، يقول -تعالى-: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: 56].
ونختم مقالنا بهذا الدعاء: اللهم اجعل أعمالنا كلها خالصة لوجهك الكريم، واجعلنا ممن ينالون رضاك ويظفرون برحمتك.