هل تعلم أن الحياة اللغوية للإنسان تبدأ بأنانية لغوية؟




يأتي الإنسان إلى الدنيا وهو أناني لغوي، لا يعترف في لغته بوجود الآخر، ويستحيل عليه ذلك؛ لأن اللغة التي يتعلمها هي لغة بيئته، وبيئته محدودة ضيقة، لا تتعدى نطاق الأسرة في الغالب، فالأم أو المربية هي التي تتعامل معه، فتنسج لغته على نمط حديثها معه؛ فهي تقول له: "عطش"، ولا تقول له: "أنت عطشان"، فتسقط ضمير المتكلم، ولا تعترف بوجوده، لأنها لا تريد منه أن يدرك وجوده، ولا أن يميز نفسه عن غيره، وإنما تريد أن يكون تابعًا لها في كل شيء، فيستجيب لأوامرها حين تسمي الأشياء بأسمائها. ثم لا تلبث أن تدخل معه في معارك لغوية، فيحاول أن يفرض سلطانه عليها، فيأبى أن يطيعها في كل شيء، فيرفض أن يأكل عندما تقول له: "كل"، ويصر على أن يلعب عندما تقول له: "انم"، ثم ينجح في فرض سلطانه عليها في نهاية المطاف، فتستسلم لإرادته.

ثم يخرج إلى بيئته الواسعة، فيكتشف وجود الآخر، فيجد نفسه مضطرًا إلى الاعتراف به، فيدخل في معارك لغوية جديدة، يتعلم فيها كيف يفرض سلطانه، وكيف يدافع عن حقوقه، وكيف يتعامل مع الأخرين، ويتعاون معهم، ويتنافس معهم، فيتحرر من أنانيته اللغوية، ويدرك وجود الآخر، ويحترم حقوقه، ويتعاون معهم.

والإنسان في مسيرته اللغوية يمر بمراحل عديدة، تبدأ بالأنانية اللغوية، ثم الاعتراف بالآخر، ثم التعاون معه، ثم التنافس معه، ثم التفاهم معه، ثم الحوار معه، ثم الإقناع معه، ثم النقاش معه، ثم الجدال معه، ثم التخاصم معه، ثم المصالحة معه، وهكذا دواليك، حتى ينتهي به المطاف إلى أن يدرك أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتعبير عن الذات، وإنما هي أداة للتواصل مع الآخر، وأن التواصل مع الآخر لا يتم إلا من خلال الحوار، وأن الحوار لا يتم إلا من خلال الاحترام المتبادل، وأن الاحترام المتبادل لا يتم إلا من خلال الاعتراف بالآخر.

وهذا يعني أن اللغة ليست مجرد أداة للتعبير عن الذات، وإنما هي أداة للتواصل مع الآخر، وأن التواصل مع الآخر لا يتم إلا من خلال الحوار، وأن الحوار لا يتم إلا من خلال الاحترام المتبادل، وأن الاحترام المتبادل لا يتم إلا من خلال الاعتراف بالآخر.

وأن الإنسان في مسيرته اللغوية يمر بمراحل عديدة، تبدأ بالأنانية اللغوية، ثم الاعتراف بالآخر، ثم التعاون معه، ثم التنافس معه، ثم التفاهم معه، ثم الحوار معه، ثم الإقناع معه، ثم النقاش معه، ثم الجدال معه، ثم التخاصم معه، ثم المصالحة معه، وهكذا دواليك، حتى ينتهي به المطاف إلى أن يدرك أن اللغة ليست مجرد وسيلة للتعبير عن الذات، وإنما هي أداة للتواصل مع الآخر، وأن التواصل مع الآخر لا يتم إلا من خلال الحوار، وأن الحوار لا يتم إلا من خلال الاحترام المتبادل، وأن الاحترام المتبادل لا يتم إلا من خلال الاعتراف بالآخر.