منذ سنوات طويلة، كنت أشعر بفقدان شيء عزيز عليّ، لكنني لم أستطع تحديده. ثم ذات يوم، أدركت أن ما افتقده هو شعور الحرية. لقد أمضيت ما يقرب من نصف حياتي محبوسًا في جدران سجن، بعيدًا عن كل ما أحبه.
كنت شابًا يافعًا عندما اعتُقلت في سوريا منذ أكثر من أربعين عامًا. كنت أتوجه إلى الجامعة لمواصلة دراستي، لكنني انتهى بي المطاف في زنزانة مظلمة، متهمًا بتهمة لم أفهمها أبدًا.
في البداية، كنت خائفًا ويائسًا. لم أكن أعرف ما الذي سيحدث لي أو متى سأرى الحرية مرة أخرى. لكن مع مرور الوقت، بدأتُ في التكيف مع حياتي الجديدة. تعلمتُ الاعتماد على نفسي ووجدتُ طرقًا للترفيه عن نفسي وسط الظلام.
قرأتُ الكتب، وكتبتُ الشعر، وتحدثتُ مع زملائي في السجن. شاركنا قصصنا وآمالنا وأحلامنا. على الرغم من الظروف الصعبة، تمكنتُ من الحفاظ على بعض الأمل.
لكن الأمل لا يمكن أن يدوم إلى الأبد. كلما مرت السنوات، أصبحت أكثر يأسًا. شعرتُ أنني منسيّ ومهمل وأن لا أحد يهتم بما حدث لي. كنت أتساءل عما إذا كنت سأموت بين هذه الجدران.
وفي إحدى الأيام، جاءت لحظة التغيير. اندلعت الحرب الأهلية السورية، وشهد النظام السوري انهيارًا كبيرًا. وفجأة، فتحت أبواب السجن، ووجدت نفسي حرًا.
لم أصدق ذلك في البداية. بعد سنوات عديدة من الحبس، كنت أخشى الخروج إلى العالم الخارجي. لكنني استجمعت شجاعتي وخطوت إلى الحرية.
كان العالم الذي عدتُ إليه مختلفًا تمامًا عن العالم الذي تركته. لقد تغيرت التكنولوجيا، وتغيرت الثقافة، وتغيرت حتى لغتي. لكن شيئًا واحدًا لم يتغير: شوقي لعائلتي وأصدقائي.
لم أر عائلتي منذ أكثر من أربعين عامًا. كنت خائفًا من أنهم نسوني أو ماتوا. لكن عندما وجدتهم أخيرًا، شعرتُ بأكبر قدر من الفرح والسعادة الذي شعرتُ به على الإطلاق.
لقد قضيتُ السنوات القليلة الماضية في اللحاق بكل ما فاتني. لقد تعلمتُ كيفية استخدام الهاتف الذكي والإنترنت، وقرأتُ الكتب، وسافرت إلى أماكن مختلفة. لقد كنت أعوض عن الوقت الضائع.
لكن على الرغم من كل السعادة التي أشعر بها الآن، لا يمكنني نسيان السنوات التي قضيتها في السجن. إنها تذكر دائمًا بالأهمية القصوى للحرية.
اليوم، أنا رجل حر، لكنني لست سوى واحد من ملايين الأشخاص الذين سُحبت منهم حريتهم. أعتقد أن كل شخص يستحق أن يكون حرًا، ويجب علينا جميعًا أن نعمل معًا لضمان ذلك.
We use cookies and 3rd party services to recognize visitors, target ads and analyze site traffic.
By using this site you agree to this Privacy Policy.
Learn how to clear cookies here